الأندية الرياضية.. العالم المنسي!
لا يوجد حتى الآن في معظم الأندية أخصائيون نفسيون لمساعدة منتسبيها بالتغلب على المشكلات النفسية التي يتعرضون لها ومحاولة إيجاد الحلول لها
د. سلطان عبد العزيز العنقري
الثلاثاء 24/09/2013
أثبتت الدراسات أن التمارين الرياضية تساعد الأشخاص المكتئبين على التخلص من الكآبة والضغوط النفسية والتوتر والقلق؛ والتي أصبحت من سما\ت عصرنا المتغير بعد أن دخلت الآلة وأحدثت اغترابًا وفجوة بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان وعمله. كما أثبتت أن للتمارين الرياضية نشاطًا وقائيًا. فالبحوث التي أجريت تشير إلى أن الاكتئاب يقل عند الأشخاص الذين يُمارسون التمارين الرياضية وبخاصة رياضة المشي والجري باستمرار. ومن التأثيرات المهمة للتمارين الرياضية أن لها علاقة بكمية الأكسجين التي تذهب إلى الخلايا في الجسم، كما تشير إليها الدراسات. فالتمارين المنتظمة تقوي العضلات حول القفص الصدري والذي بدوره يسمح بطرد الكربون وذلك لتمكين الرئتين لأخذ أكبر كمية ممكنة من الأكسجين. كذلك تساعد التمارين في التغلب على التعب والذي ينتج عن فقدان للطاقة وذلك لنقص الأكسجين وتراكم الكربون. في مجتمعنا أنديتنا الرياضية -والتي أصبحت لديها المنشآت الضخمة- لا تركز فقط إلا على لعبة في الغالب أو عدة ألعاب تعد على الأصابع، ومنها كرة القدم. وإذا كان الهدف من الرياضة بشكلٍ عام هو تهذيب النفوس وبناء الجسم السليم الذي يترتب عليه عقل سليم عن طريق التمارين والأنشطة الرياضية المختلفة إلا أنه في السنوات الأخيرة أخذت منعطفًا آخر هو إحراز الكؤوس والدروع؟! وأصبح كل ناد لا يُقاس بما يُقدّمه من نشاطات رياضية متعددة وإنما بما يحصل عليه من تلك الكؤوس في لعبة كرة القدم؟! وهذا شيء جميل ولكن يجب ألا يكون ذلك هدفًا في حد ذاته، لأن الهدف الرئيس من الرياضة هو بناء الجسم السليم وليس حصد الجوائز والكؤوس. فإلى الآن لم تقم معظم الأندية بتحقيق ذلك الهدف! لم نر الأندية تقوم بتنظيم سباق المسافات القصيرة أو الطويلة "الماراثون"! ولم نشاهد أنها قامت بفتح أبواب مسابحها على مصراعيها للشباب، أو تقوم بتنظيم دورات في تعليم السباحة بأجر رمزي لطلبة المدارس سواء في أيام معينة أو أثناء الإجازات أو عطلة نهاية الأسبوع. ولم نشاهد تلك الأندية تقوم بفتح مشروعات اقتصادية استثمارية لها تجلب النفع للنادي لاستمرارية دعمه، وفي الوقت ذاته النفع للمجتمع وخدمته في الاستفادة من تلك التسهيلات التي تملكها تلك الأندية، والتي دفع عليها مبالغ طائلة، كفتح مراكز رياضية مصغرة فيها مضمار للجري وبرك سباحة وتنس وغيرها من الأشياء المفيدة في الأحياء المكتظة بالسكان وعمل اشتراكات رمزية حتى يتمكّن صغار السن الشباب وكبار السن الاشتراك بها، وفي الوقت نفسه تحصل الأندية على مردود مادي مجز، وكذلك توظيف عدد من أبناء البلد، وبذلك تقضي أوقات فـراغ الشباب حتى تكون تلك الأندية عامل جذب والشارع عامل طرد. فعمل مشروعات استثمارية سوف يقلل الاعتماد على الدعم الحكومي لها، وسوف يكون هناك دخل ثابت بمئات الملايين من الريالات نظير استخدام منشآت تلك الأندية. فالملاحظ أن معظم الأندية تشتكي من الأزمات المادية لعدم وجود عقلية استثمارية لدى معظم الأندية حيث إن غالبية دخل تلك الأندية من الإعانات الحكومية والمباريات، وهي لا تغطي نفقات طاقم التدريب واللاعبين الذين يحصلون على مبالغ طائلة جدًا. أما الهدف الثقافي فهو أيضًا مفقود لدى تلك الأندية فهي مازالت تغط في سبات عميق فليست لها أي مشاركات ثقافية وإن وجدت فهي محدودة. فيجب على الأقل أن تكون هناك مسرحيات هادفة تناقش مشكلات المجتمع وقضاياه وهمومه، ويستقطب نخبة من أساتذة الجامعات وغيرهم من المتخصصين لمناقشة قضايا عصرية لمشكلات الإدمان والتنشئة الاجتماعية والطلاق وغيرها من القضايا التي تستحق الطرح والمناقشة. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يكون في مجلس إدارة كل نادٍ مجموعة من أساتذة الجامعات والأكاديميين لتحقيق الهدف من إنشائها، وسيكون لهم بلا شك باع طويل في خدمة الرياضة والثقافة والمجتمع، وفي توجيه سلوك اللاعبين والمشجعين توجيهًا إيجابيًا. وأن تكون هناك محاضرات وندوات بشكل مستمر. أما الهدف الاجتماعي فهو أيضًا لم يحظَ بذلك الاهتمام من تلك الأندية، فلا نجد لها مساهمات فعّالة في خدمة المجتمع وذلك عن طريق عمل مباريات والتبرع بدخلها للجمعيات الخيرية أو المستحقين لها. ولا يستفاد من لاعبيهم المشهورين وتوظيف طاقاتهم في التوعية بأضرار المخدرات أو الحث على المحافظة على النظافة العامة أو الامتناع عن التدخين أو التقيد بأنظمة المرور وغيرها. إلى الآن لا يوجد في تلك الأندية أخصائيون نفسيون لمساعدة منتسبيها بالتغلب على المشكلات النفسية التي يتعرضون لها ومحاولة إيجاد الحلول لها، فمعظم الأندية العالمية لديها أخصائيون نفسيون وكذلك أخصائيون اجتماعيون فلو قامت تلك الأندية بفتح تلك المراكز للخدمات النفسية والاجتماعية فإنه بلا شك سوف تساعد الشباب، وهم الأكثر عرضة للإحباطات والصراعات النفسية خلال مرحلة المراهقة، لتخطي تلك المرحلة بثبات بدلًا من الجنوح والانحراف وذلك لقلة التوجيه والنصح والإرشاد.
نقلا عن جريدة المدينة
