الثلاثاء، 25 فبراير 2014

لماذا يختلف الاقتصاديون والساسة حول الرسوم؟

لماذا يختلف الاقتصاديون والساسة حول الرسوم؟

عبد الوهاب أبو داهش







تحاول وزرة الاسكان خفض التكاليف ما أمكن لتقدم وحدة سكنية في حدود مليون ريال. فهي دخلت سوق الاسكان متسلحة بسياسة خفض التكاليف "السعر". فلم تشارك القطاع الخاص لارتفاع تكاليفه، وانتظرت وكافحت للحصول على أراض مجانية، وقامت بترسية بعض المشاريع على مقاولي الدرجة الثالثة والرابعة من باب خفض التكاليف. وحاولت أن تقوم بكل شيء في سبيل التحكم في التكاليف ما أمكن، لكنها لم تحقق نجاحات تذكر حتى الآن.
وعلى العكس من ذلك، اتبعت وزارة العمل سياسة رفع تكاليف العامل الوافد "السعر" لتخفض البطالة بين السعوديين. فقامت برفع رسوم التراخيص وغيرها من الرسوم، واستهدفت نسبة سعودة حسب كل قطاع وقدرته على تحمل تكاليف السعوديين واستغنائه عن الوافدة في سبيل تحقيق أهدافها في خفض الاستقدام وتوظيف السعوديين. البعض ينظر الى أن وزارة العمل قد نجحت إلى حد ما في ذلك، والبعض الآخر يرى أنها لم تحقق النجاح المأمول. وفي اعتقادي أو وزارة العمل نجحت إلى حد ما في رفع التكاليف على القطاع الخاص لكنها فشلت في خفض العمالة الوافدة لأن باب الاستقدام مازال مفتوحاً على مصراعيه. بمعنى آخر، استمر جانب العرض مفتوحاً ولامحدوداً مما يجعل جانب الطلب هو المتحكم في التكاليف وليس الوزارة مما جعل من سياسة وزارة العمل مثار قلق عند الآخرين.
إذاً سياسة التحكم في السعر عن طريق خفض التكاليف أو رفعها هي سياسة قد تنجح وقد تفشل بدرجات معينة حسب السوق ونضوجه وقدرته ومرونته على امتصاص والتفاعل مع هذه التكاليف. فالأسواق غير الناضجة والبدائية كما هي الحال في سوق الاسكان والعقار في المملكة تجد صعوبة في التعامل مع زيادة التكاليف أوخفضها لأنها تفتقد إلى التنظيم والتشريعات الكافية التي تحكمها. كما أنها سوق تنقصها المعلومة بشكل كبير ويصعب تقدير الأسعار فيها لغياب قواعد المعلومات والمثمنين المحترفين.
تفترض مدارس الاقتصاد الرئيسة أنها تتعامل مع أسواق تنافسية وكاملة ومتعاملين راشدين يتخذون دائما القرار الصحيح في تعاملاتهم وتبادلاتهم التجارية. لكنها في الواقع تتعامل مع أسواق غير مكتملة، يتعامل فيها أناس يتصفون بالجشع والطمع والغش والاحتيال واستغلال الفرص ما أمكن. لذا توضع القوانين والتشريعات المناسبة للقضاء على الصفات السيئة للمتعاملين. فأفضل التشريعات إذاً هي تلك التشريعات التي تتمثل في تنظيم السوق أولاً لجعله أكثر تنافسية وعدالة في تقديم الأسعار قبل فرض الضريبة أو تقديم الاعانات.
ففرض الضريبة وتقديم الاعانات وحجمها ونسبتها هي من أكبر العوامل حساسية في التأثير على الأسواق سلباً أو إيجاباً. فحجم ونسبة الضريبة أو الإعانة هي التحدي الذي يقابله صناع القرار في معرفة تأثير تلك السياسات على الأسواق.
في غياب المعلومة وعدم اكتمال السوق تؤدي الضرائب والاعانات في غالب الأحيان الى نتائج عكسية مما يريده صانع القرار حتى في الدول المتقدمة. فما بالك في الدول الأخرى التي لم تكتمل فيها التشريعات والأنظمة وتنضج فيها الأسواق مما يجعلها تواجه مشاكل جمة في تنظيم المتعاملين والسوق. فالضرائب والإعانات تنتج معها مجموعة من المتعاملين تعمل على أقصى الاستفادة من تلك مما يوجه السوق إلى أيدي الناس الأكثر والأقرب معرفة بهذه الضرائب أوالاعانات مما يخلق طبقة قد تكون احتكارية على حساب الناس الأبعد من مكان وأصحاب القرار، مما يؤدي إلى جعل الأسواق أكثر تحكما من قبل أصحاب رؤوس الأموال من غيرهم "أسواق الأسهم مثالاً".
من أجل ذلك يختلف الساسة والاقتصاديون ويصبحون أكثر حذراً في استخدام السياسات المالية "الضرائب والاعانات"، والعمل بقدر الإمكان على سن تشريعات وأنظمة توجه السوق إلى أن يصبح أكثر عدالة قبل الحديث عن الضرائب والاعانات. البعض من الكتاب الاقتصاديين يدرك هذا، والبعض الآخر لا يدركه مما سبب اختلافاً واضحاً حول آلية وعمل الرسوم على الأراضي البيضاء.
نقلاً عن صحيفة الرياض

التجربتان اليابانية والسعودية!

التجربتان اليابانية والسعودية!

عبد الرحمن الراشد







في منتصف القرن التاسع عشر كانت اليابان بلدا منغلقا معزولا بسيطا، ودخلت هي والصين في حرب مع الغرب الأكثر تسلحا وتقدما الذي كان يريد فتح أسواق جديدة. الصين خضعت واكتفت بالمتاجرة، أما اليابان فقد قررت البحث عن سر المجتاح والتعامل ثقافيا أيضا، فأرسلت بعثات طلابية للغرب. تلك الخطوة غيرت مسار اليابانيين وحولت بلدهم إلى حديث وصناعي كبير. أما الصين، فقد ظلت مجرد سوق لمنتجات الغرب، وبقيت منغلقة ومتخلفة لعقود طويلة.
هذه المقدمة من وحي زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الذي خص اليابان بأكثر أيام جولته الرسمية. الأمير حضر حفل إحدى جامعات طوكيو، والتقى المبتعثين، وتحدث عن سعي السعودية لنقل العلم والتجربة والتقنية. يدرس في اليابان أكثر من 500 طالب وطالبة أرسلتهم الحكومة ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للابتعاث من بين 140 ألفا يدرسون في أنحاء العالم. هذا أعظم مشروع يمكن أن تفاخر به، وبه يمكن أن تغير مستقبلها للأفضل. اليوم السعودية من أغنى الدول، احتياطيها المالي أكثر من 600 مليار دولار، لكنه على الرغم من ضخامته وأهميته للمستقبل، يبقى بناء الشباب أهم من كل احتياطات الدولة النفطية والنقدية.
وسبق أن زرت اليابان أيضا مع الأمير سلمان في التسعينات، ولا شك أن قاعدتها العلمية أنقذتها من انهيار أزمة امتدت لأكثر من عقد ونصف العقد. وعلى الرغم من أكثر من قرن ونصف القرن من التقدم، بقيت من أكثر بلدان العالم محافظة على تقاليدها. وشعبها مثير للدهشة ليس تقنيا وصناعيا، بل في نمط حياته وفلسفته. العقل الجمعي الذي يدير به اليابانيون حياتهم ما يميزهم، في انضباطه وتحمله ونجاحه.
مصر واليابان تجربتهما الحضارية بدأتا تقريبا في التاريخ نفسه، لكن اليابانية لم تتعثر أو تنقطع على الرغم من الحرب العالمية والدمار الهائل. مصر، نموذجا للدولة العربية، عجزت عن التعامل مع إرث الهزائم والمضي إلى الأمام. والوقت عندما يمضي بلا حلول يضاعف الأزمات. مثلا، كان عدد سكان اليابان في عام 1960 يبلغ 90 مليون نسمة، ومصر 25 مليونا. اليوم، سكان اليابان 127 مليون نسمة، في حين مصر تضخمت إلى نحو 90 مليونا. الفارق في الثقافة. السعودية نحو 30 مليون نسمة، ومع هذا عدد قتلى حوادث الطرق أكثر من سبعة آلاف، أما في اليابان أقل من خمسة آلاف قتيل, ويمكن أن نستنتج أسباب بقية الحقائق؛ الثقافة المحرك الأساسي للتقدم والتأخر.
لا يمكن للتجربة السعودية، أو العربية، أن تخرج من أزمتها إلا بمثل هذه المساعي الحضارية.
نقلاً عن الشرق الأوسط 

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

للجمال حكاية أسمها الوجه السعيد

للجمال حكاية أسمها الوجه السعيد

 نواف بدر المعلم.

ثمة كثير من الكلمات يجب أن تقال هنا خاصة والمنتج السياحي أصبح صناعة، مما أوجد علما يدرس .. وفكرا يفهم.. ومنتج له قيمته في السوق، واضحت التنمية السياحية احد أهم روافد التنمية الاقتصادية الشاملة .

ووفقا لذلك هناك مغريات لجذب السائح ، أرى بأنها تتوافر في محافظة الوجه،لعل ابسط هذه المغريات الهدوء الذي  يسكن أركانها.. وعدم الضجيج نعمة لا يعرفها إلا  سكان المدن،والنظافة التي تزهو بها شوارعها .. و معالمها .. وشواطئها .. وخلجانها ، حتى أضحى ذلك مثلاً.

ومن هناك وعلى مد البصر.. يطل  البحر بالوانه المتشحة بالزرقة حينا.. وبالفيروز حينا أخر ويتناغم مع رمال الشاطئ البيضاء كلوح البلور.... وصوت امواجه التي تكسب المكان روعة.. ورقة..  وجمالا..وحبورا.
كل ذلك واللوحة لم تنتهي  فالجمال له بقية .. هناك لحظة تأمل .. ولحظة استغراق .. ولحظة صمت..حينما تلتقي السماء بالبحر في نقطة الافق .. في طلة مهيبة ..

قد تتوقف لبرهة عن التفكير ولكن حتما ستغوص في عالم يكسوه الصفاء..والنقاء..
هنا رغما عنك لا تملك إلا أن تنطق بها وتقول سبحان من خلق وابدع وصور.. سبحان رب هذا الكون الفسيح.

في الحي القديم الملاصق للبحر .. يسكن المكان بقايا الأمس..يذكرنا بعوالم قد رحلت وتركت في نفوسنا أثراً عميقاً.. أثراً عظيماً.. لازالت انفاسهم العطرة.. وذكرياتهم المرحة.. وطيبتهم  تعم اركان  المكان..  تركوا ذكريات توضح طبيعة هذا الانسان الذي سكن هذا المكان وترك أرثا فنياً لا شبيه له في فن البناء وكيف تعايش مع شطف الحياة وقلة الزاد.
وعندما تتجاوز الحي القديم سوف  يسرك ما ترى من تطور وتقدم .. سوف تكون شاهداً على ذلك وشاهداً على نظافة المكان ورقي وتطور أهلها الكرام.

قد كتبت مرارا وتكرارا بأن الخيار الاستراتيجي للوجه هو السياحة نظير ما حباها الله من موقع مطل على البحر، واجواء ربيعية بسبب تأثير المناخ المتوسطي عليها .
وعلينا جميعا يقع الاخذ بتطور الوجه السعيد وعلى كل من له علاقة بطرح فرص استثمارية، وتعريفية ويقع الجزء الأكبر على ابناءها في هذا الجانب.