الثلاثاء، 1 يوليو 2014

اشتر أطباقاً أصغر


حول العالم

اشتر أطباقاً أصغر

فهد عامر الأحمدي
 


   دخلت قبل أيام متجراً كبيراً للأواني المنزلية ففوجئت بتزاحم العائلات التي ملأت عربات التسوق (وهذه المرة ليس بأنواع الأطعمة والعصيرات) بل بشتى أنواع الأواني والصحون والأطباق الكبيرة - استعداداً لمعارك رمضان الغذائية..
تذكرت فوراً مقالين سابقين شرحت فيهما أهمية الإقلال من كمية الوجبات كطريق للصحة وخفض الوزن؛ الأول بعنوان اللغز الفرنسي، والثاني لماذا لا يصاب اليابانيون بالبدانة.. وفي كلا المقالين أعدت الرشاقة التي يتمتع بها الفرنسيون واليابانيون إلى تعودهم على تناول كميات بسيطة من الطعام في أطباق تشبة ألعاب الأطفال..
وكان أحد الخبراء الفرنسيين قد قدر كمية الطعام التي يتناولها الفرنسي ب 54% من كمية الطعام التي يتناولها المواطن الأمريكي - في حين قلت أنا في المقال الثاني:
.. وفي حين يعتبر الكرم لدينا منافسة غذائية (حيث ترى الصواني تُملأ في الأفراح والمناسبات بجبال الأرز) يوزع اليابانيون في حفلاتهم قطعاً صغيرة من السوشي المغطى بطبقة رقيقة من جلد السمك..!!
.. نعم.. صحيح ان لنوعية الطعام دوراً مساوياً في انتشار البدانة (خصوصاً السكريات والكربوهيدارات) إلا أن لحجم الطبق أيضاً دوراً لا يمكن إنكاره. فطبق مكرونة بالجبن في أحد مطاعم نيويورك يتضمن 1000 سعرة حرارية، في حين لا يتضمن في مطعم باريسي أكثر من 400 سعرة حرارية (وكلاهما منتج كربوهيدارتي مليء بالدسم)!!
لهذا السبب من المهم فعلاً تناول طعامنا في أطباق أصغر حجماً (من الموجودة الآن في مطبخك) كوننا نتأقلم دائماً مع حجم الوجبات الموجودة فيها - ونحاول بلا وعي الانتهاء منها بصرف النظر عن سعتها.
وحين تتأمل أحوال آبائنا وأجدادنا في الماضي تكتشف أن سر الرشاقة التي كانوا يتمتعون بها تعود أساساً إلى قلة الزاد وشح الأطباق واعتمادهم على نظام الوجبتين فقط.. وفي المقابل تسببت رفاهية الأبناء هذه الأيام (ليس فقط في ازدراد كميات أكبر من الأطعمة السيئة) بل وإضافة وجبة ليلية ثالثة ورابعة لا تختلف في ثقلها ومحتواها عن وجبة الغداء بسبب نومنا المتأخر.. ففي الماضي - قبل أن تخترع الكهرباء ويتعلم الناس السهر مع التلفزيون - كان النظام الطبيعي هو تناول الوجبة الرئيسية بعد الاستيقاظ مباشرة ثم الانشغال بطلب الرزق حتى المساء ثم العودة لتناول الوجبة الثانية ثم النوم بعد صلاة العشاء مباشرة.. ورغم أن هذا الترتيب يبدو اليوم مستبعداً إلا أنه يعد أفضل نظام غذائي يتوافق مع برمجة الجسد في النوم والاستيقاظ والعمل - بل قد يكون الحل الأمثل للعديد من المشاكل الصحية المعاصرة (كالبدانة والسكر والضغط وتهتك الشرايين)!!
وقد يصعب علينا تصور العودة إلى نظام الوجبتين فقط؛ ولكن الحقيقة هي أننا نمر بهذه التجربة خلال شهر رمضان الحالي.. ففي هذا الشهر بالذات يتغير نظامنا الغذائي ويتعود جهازنا الهضمي على النظام الجديد بحيث يختفي شعورنا بالجوع (خلال النهار) والتخمة والامتلاء (ساعة الإفطار) (وهذا بحد ذاته دليل على قدرتنا على الاكتفاء بوجبتين في اليوم فقط)!
.. ولك أن تتخيل الاستمرار على هذا النهج حتى بعد شهر رمضان والاستمرار عليه كنظام دائم لتخفيض الوزن وزيادة النشاط والحد من مخاطر السكر والكوليسترول (علماً أنني لا أتحدث عن استمرار فترة الصيام الصارمة بل استمرار نظام الوجبتين التي تعودت عليهما خلال رمضان)..
على أي حال؛ هناك احتمال كبير بأنك ستنسى غداً معظم ما جاء في هذا المقال، ولكن يكفيني فقط أن تتذكر دائماً هذه الجملة: (اشترِ أطباقاً أصغر)
نقلا عن جريدة الرياض

السبت، 31 مايو 2014

نظرية الملاعق الثلاث


فهد عامر الأحمدي







لم أتمنّ يوما أن أصبح فقيرا أو أولد لطبقة فقيرة، ولكنني في نفس الوقت لم أتمنّ يوما أن أولد لطبقة ارستقراطية مرفهة لا تجد دافعا للعمل ولا حافزا للإبداع..
ليس ممتعا أن تولد وفي فمك ملعقة خشبية، ولكن لا بأس في أن تولد بملعقة فضية بحيث يتولد لديك فضول وحافز لتجربة الملعقة الذهبية..
فالتاريخ يثبت أن معظم الإبداعات والانجازات (والإضافات الحقيقية في المجتمع) تأتي من عصاميين ولدوا في الطبقة المتوسطة ويطمحون للوصول لمستوى الطبقة المرفهة..
المشكلة تأتي من (أبناء) الطبقة المرفهة التي ولدت بملعقة ذهبية ولا يفهمون معنى العصامية أو الدافع للعمل والإبداع - كونهم ولدوا أصلا بحالة اكتفاء وترف يسعى إليها الجميع -..
وكان عالم الاقتصاد الأمريكي ثورستين فيبل أول من قدم مصطلح الرفاهية المظهرية The Theory of the Leisure Class لوصف حال أبناء الطبقة الأرستقراطية.. فبعد وفاة جيل العصاميين يصبح الظهور بمظهر الثراء والرفاهية هدفا بحد ذاته لدى الأجيال التالية (التي ورثت المال وولدت وفي فمها ملعقة ذهبية).. وهؤلاء حسب تعريف فيلبين يستهلكون الوقت دون انتاج ويمضون حياتهم في تنافس استعراضي - لكنهم في نفس الوقت يدركون ضرورة استمرار التدفق المالي وتحصيل ما يكفي لمنحهم مظهر الثراء والترف الكسول..
صحيح أن أبناء الطبقة الارستقراطية لا يتحملون مشاق العمل وسنوات الدراسة الطويلة، ولكنهم في نفس الوقت يسهل عليهم امتلاك الشركات والمشاريع والأعمال الخاصة - وبالتالي توظيف المبدعين من أبناء الطبقة المتوسطة، والمحتاجين من أبناء الطبقة الفقيرة..
وكنت قد اشتريت كتابا بعنوان: "لماذا يعمل الطلاب الممتازون لدى الطلاب المتوسطين، والطلاب الجيدون لدى الحكومة".. ورغم أن وقتي لم يسمح بقراءة الكتاب حتى الآن إلا أنني أعرف المؤلف روبرت كيوساكي من خلال كتاب سابق بعنوان "أب غني وأب فقير" أنصح كل أب بقراءته.. وحين شاهدت كتابه الجديد لم أتردد في شرائه وفهمت فكرته فور مشاهدة عنوانه.. فالطلاب الممتازون (ممن يحصلون على شهادات عليا ومتخصصة) سيعملون في النهاية لدى الطلاب المتوسطين دراسيا (ولكنهم ولدوا لعائلات ثرية أو امتلكوا شركاتهم الخاصة) في حين ينتهي الحال بالطلاب الأقل مستوى بالعمل لدى الحكومة (الأم الحنون التي تقدم أمانا وظيفيا مرتفعا لمن لايملك شهادة عليا أو مشروعا خاصا)...
هذه التراتبية ليست جديدة ولكنها تلبس في كل عصر ثيابا مختلفة؛ فخلال العصور الوسطى مثلا كان النبلاء الأوربيون يترفعون عن العمل اليدوي، وينعمون بالثراء من خلال احتكار الأراضي وفرض الضرائب على العمال والفلاحين.. أما في عصرنا الحاضر فيمكن وصف بيل جيتس كإقطاعي معاصر يحتكر90% من البرامج المشغلة للكمبيوتر، وكارلوس سليم الذي يحتكر 86% من قطاع الاتصالات في المكسيك!!
... المهم فعلا أن نفرق بين أثرياء عصاميين انتقلوا بعملهم وكفاحهم الى مستوى الطبقة الثرية (ويرغبون بتجربة الملاعق الذهبية) وبين أبنائهم الذين لم يُجربوا طعم الكفاح والحاجة ويعتقدون أن من لايجد الخبز يمكنه تناول الكعك...
فحين تولد بملعقة ذهب - وترث المنصب والثروة بلا تعب - من الطبيعي أن تفكر بحماقة الدراسة سبع سنوات (للعمل كطبيب) أو ضرورة التخرج كمهندس مدني أو معماري (يعمل تحت الشمس) أو دوافع كتابة سبعة آلاف مقال طوال عشرين عاما... !!
... إن كنت عصاميا تملك أبناء ولدوا في طبقة مرفهة فتحتاج فعلاً لقراءة المقال مجدداً..
نقلاً عن "الرياض"

نريد تطوير التعليم لا تجميله









            في السعودية شيء مهم يستوجب التقدير والتذكير، فللمرة الرابعة يستثنى التعليم بامتيازات إضافية ضخمة، قرر الملك عبد الله بن عبد العزيز تخصيصها، وهو يفعلها من جديد خارج ميزانية الحكومة؛ فقد فتح باب الابتعاث للخارج، حتى وصل عدد الطلاب السعوديين الذين أرسلتهم الحكومة للخارج إلى الآن فوق المائة والعشرين ألف سعودي وسعودية، يدرسون في جامعات العالم. وفي أقل من عشر سنوات، رفع عدد الجامعات الحكومية من سبع إلى سبع وعشرين. والثالثة وضع مخصصا ضخما خارج الميزانية لتطوير التعليم، عشرة مليارات ريال في المرة الأولى (نحو ثلاثة مليارات دولار). وبعد أن استهلكت عاد وخص التطوير بثمانين مليار ريال أخرى (نحو خمسة وعشرين مليار دولار). أيضا، يفترض أن تنفق فقط على تطوير التعليم، وذلك فوق ميزانية وزارة التربية والتعليم السنوية، وقدرها مائة وواحد وعشرون مليار ريال، ويذهب معظمها مرتبات ونفقات ثابتة.
الثمانون مليار ريال الإضافية مبلغ ضخم بكل الحسابات المالية، هدفه تغيير وجه التعليم، بتطويره يتم تطوير البلد، والانتقال إلى تاريخ جديد، وإلى دولة تقوم على العلم، وعلى مواطنيها. هذا هو بترول السعودية الحقيقي ومستقبلها، وليست المباني الضخمة والشوارع الفسيحة، التي تصبح خرابا عندما يصبح سعر برميل النفط دولارا واحدا، ولا يبقى إلا عقل الإنسان وقدرته على الإبداع والتطوير والإنتاج.
ولحسن الحظ أن التعليم هو أساس مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز النهضوي. اهتم به أكثر من أي قطاع آخر، ولا عذر للتقاعس أو التعثر.
وهذا يبرر لنا أن نطلب الكثير من الإيضاح حول ماهية المشروع الجديد وتفاصيله، كيف يمكن نقل التعليم من حالته العادية ليغير واقع البلاد ومستقبلها؟ المعلومات التي قرأتها خطوط عامة، لا تكفي للحكم عليه، تلخص مجالات إنفاق المخصص الذي أعلنه الملك لتطوير التعليم. ولا بد من القول إنها جميعا أفكار تعكس «حاجات قطاع التعليم»، مهمة لكنها لا تطور التعليم ولا المتعلمين، ولا تبدو لي المخصصات أنها بالأولوية التي نرجوها. العشرة مليارات الماضية ذهب كثير منها لبناء مدارس، ولم يتعلم أحد شيئا جديدا. وفي المشروع الجديد تتكرر الأفكار، المزيد من المباني الحديثة. إنما هذه المشاريع العقارية لا يمكن أن تحل مشكلة التعليم، النوعي والموجه. وللتذكير فأعظم المدارس في العالم ليست مباني فخمة، وأهم الجامعات في العالم مبانيها أقل من جامعاتنا من ذوات فنادق الخمسة نجوم، فالتعليم محتوى نوعي!
في الفاتورة سيذهب أضخم بند، 35 مليار ريال، للبناء والترميم وشراء أراض ونزع عقارات، أما العلاج الوحيد الشافي القادر على تغيير المملكة، أي التعليم الإلكتروني، فقد خصص له أكثر قليلا من مليار ريال لتجهيز ربع مليون فصل بتقنيات الفصول الذكية ومليار آخر لبناء ومد الشبكات! الذي نريده، ونطالب به بإلحاح، أن ينفق معظم الثمانين مليارا على «تطوير التعليم». وأنا لا أنتقص من حاجة البلاد لبناء مدارس جديدة لثلث الخمسة ملايين طالب وطالبة، ولا فتح نواد في الأحياء، أو رياض أطفال، وغيرها من قائمة المشتريات الطويلة والمبررة. وإذا كان الطالب لا يتعلم شيئا فعلا مفيدا، فلا قيمة للثلاجات والمكيفات والملاعب دون مناهج وعلوم وتقنيات جيدة وحديثة.
تغيير الوضع القائم يعني: تطوير المناهج، وتأهيل المعلمين، وتمكين التلاميذ من التحول من التعليم إلى التعلم. التعليم الإلكتروني سيسد النقص في القدرات المدرسية، المعامل والمختبرات والمكتبات، وسيعوض عن ضعف المدرسين، وسيوحد بين إمكانيات القرى الفقيرة والمدن الغنية، وسيهون من الفصول المزدحمة، وسيربط التعليم المحلي القديم بالعالمي المتطور والمتغير دائما، وسيضيق المسافة بين التلاميذ الصغار الأكثر تطورا تقنيا من مدرسيهم الأقل علما منهم، وسيقرب بين ألعاب الفيديو أكثر تطورا عقليا من المناهج الورقية الموروثة من القرن الماضي! سيمكن من تعليم العلوم، الفيزياء والكيمياء والرياضيات، والبقية الصعبة على مجتمع التعليم.
هذا إذا أردنا أن نسير خلف كوريا الجنوبية، لا أن نبقى مجرد دولة نفطية تعيش على عقول الغير وسواعدهم. خلال العقود الثلاثة كانت التهم تركل بين اللاعبين مثل كرة القدم، بين لوم للمناهج والمعلمين والوسائل. السوق تلوم الجامعات، وهي تلوم التعليم العام، والنتيجة فشل مستمر، ولا يصلح ملايين الخريجين لسوق العمل، بل لا يصلحون لأي شيء، وقد حان الوقت للتطوير. بالتحول نحو التعليم الحديث، الإلكتروني، راجعوا تجارب دول شمال أوروبا، ابحثوا عن النماذج الناجحة. هنا يمكن للمال أن يشتري وسائل التعليم.
لا أعتقد أن من المفيد تضييع وقتنا في تسييس الحديث، رأيي أن جريمة التعليم ليست محاولة اختطافه، ولا المباني المتهالكة، بل أسوأ من ذلك، إهمال تطويره سواء بسبب جهل القائمين عليه أو نقص الاهتمام به، وقف حتى صار من الماضي الذي لا يساير علوم العصر وحاجاته. لهذا أكل الزمن على المدارس، والمناهج، والمعلمين، ولا يمكن تضييق المسافة البعيدة إلا بالانتقال النوعي. ووزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل إداري محارب، تعامل مع الشباب دائما في مشواره الإداري الطويل. وهذه البداية بمشروع تطوير التعليم أثارت حماس الجميع، مشروع قادر حقا على تغيير المملكة العربية السعودية. خمسة ملايين طالب وطالبة سيكبرون وسيكونون شعبا مؤهلا ناجحا، البلاد تعتمد عليهم لا هم يعتمدون عليها.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"

الأحد، 20 أبريل 2014

مصالحة.. لا محاججة!!

مصالحة.. لا محاججة!!

       لكي لا نقف متأرجحين بين أساسيات التعاون لدول المجلس، وبين طموحات بعيدة عن الواقع جاء بيان الرياض ليحدد المسؤوليات والأهداف، وكي نعرف حقيقة وجودنا، فبعض الدول العربية والإقليمية ترانا هياكل هشة يجمعنا الخوف، وتفرقنا الشكوك، ومن هنا كان لابد من رسم طريق واضح بحيث تبقى لكل بلد سياسته الخاصة على أن لا تتعارض مع مسار هذه الدول، ولعل زوبعة الخلاف مع قطر كشفت عن أن محاولة الخروج عن خط المجلس مهما كانت النزعات والتصورات لا يمكن أن تعمل بدون إجماع تأسس عليه أصلاً المجلس..
ثم دعونا نعدْ شريط الماضي القريب عندما تعرضت الكويت للاحتلال من قبل جيش صدام، والنوايا المعلنة من قبل إيران لزعزعة أمن البحرين، وانظروا كيف تنظر باستهجان إلى مطالب الإمارات بجزرها الثلاث، وهي تحديات لا تخص دولة بعينها أمنياً أو سياسياً، وإنما الاتجاه ظل خلق فوضى في هذا الكيان، وقطر ربما أدركت أن الحماية الأجنبية حتى بوجود قاعدة العديد الأمريكية لا تخضع لأوامر الإمارة، وأن تخطي المجلس بلعبة كبرى مع منظمات ودول إقليمية، ومحاولة التلاعب بأمن دول المجلس كان انعكاسه السلبي عليها أكبر من إيجابياته، وهنا كان لابد من إجراء رقابة للحد من تأثير تلك السياسة على أمن وتماسك دول الخليج، فجرى سحب السفراء، وكادت الأزمة تكبر لولا أن الكويت استطاعت احتواء المشكلة ومن ثم التوقيع على بيان ملزم بحضور ممثلي كل دول المجلس..
الغاية من البيان ليست الحد من حرية بلد في إدارة شؤونه الداخلية وإنما العمل في إطار المصلحة العامة التي كرسها نظام المجلس، ولعل الظرف الزمني الحساس، والقلق عربياً وإقليمياً فرضا أن تكون سياسة هذه الدول متوازنة ودقيقة إلى حد الحذر من التورط في أزمات أكبر وبالتالي لا أحد يدعي أنه منتصر وخاسر إذا كانت التسويات والفهم العميق لدور المجلس هما الغاية الأساسية..
دعونا نختلف من داخل عملنا ثم التصويت على وجهات النظر المتعارضة حتى يكون الإجماع هو سيد الموقف، أما أن تخرج أي دولة عن المبدأ العام المقر من الجميع، فإن الآثار الأخرى قد تمزق ساحة المجلس والذي بقي وحيداً أمام دعوات الوحدات والاتحادات متماسكاً رغم بطء الإنجازات المفترضة، ولكنه كأي تجمع لابد أن يتطور مع الزمن عندما تتلاقى الأهداف مع الإرادة..
الأمن الخليجي له الأولوية في التعاون، وقلنا مراراً أن ما يهددنا ليس فقط قوة إقليمية أو دولية، وإنما البنية الديموغرافية (السكانية) حيث طغى الكم الهائل من الجنسيات المختلفة على كيان بعض تلك الدول، وأن مراعاة الإغراق وشبه التوطين سوف تنسف وحدة أي بلد..
والأمر الآخر أننا لا نزال كلّ يفكر بحدود ما يراه مناسباً له، مع أنه لا فرق بين دولة كبرى أو صغرى، إذا تمازجت المصالح العليا وحددت مفاهيم المخاطر بحسب الواقع والمستقبل، ثم هناك إدارة سياسة الثروة وتوطينها، وهي مسألة لا تزال في طور النشوء ولكنها لم تفعّل كإطار عمل تكاملي..
عموماً الوقفة مع النفس إيجابية، والعودة إلى الطريق الأمثل هي اعتراف بالحقيقة لأن الجميع هم من يحددون أمنهم ورعايته.
نقلاً عن  "الرياض"

الاثنين، 7 أبريل 2014

فشل إنديك ونهاية حلم كيري

 عبدالرحمن الراشد


مارتن إنديك هو أكثر من يعرف إسرائيل، يواجه اليوم أكبر فشل في حياته. إن لم يستطع إنديك هندسته فلا سلام يرجى بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الوقت الراهن. وبنهاية هكذا، مات في مهده مشروع وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، وكل ما حصل عليه كمٌّ كبيرٌ من الشتائم من الوزراء والمتطرفين الإسرائيليين. رفضوا حتى إعطاءه «تنازلا» صغيرا؛ إطلاق سراح معتقلين سبق وأن تم الاتفاق على منحهم الحرية في اتفاق أوسلو القديم. حتى هذا الشرط الصغير فشل إنديك ورئيسه كيري في إقناع الإسرائيليين به ليتم تأجيل المشروع إلى ظروف أخرى مناسبة.
محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، أحسن المبارزة مع أن خصومه يتهمونه بأنه «رجل الأريكة»؛ لأنه لا يحب اللعب كثيرًا، بخلاف سابقه الراحل ياسر عرفات الذي لم يهدأ حتى وهو ينازع في المستشفى بباريس.
مشاريع السلام لا تنجح فقط مع باقة ورد وعلبة شوكولاته، كلها تحققت بفضل ظروف قاهرة. الرئيس المصري الراحل أنور السادات أدرك أن السلام لن تقبل به غولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، دون أن تجبر عليه. كامب ديفيد مشروع سلام صعب ولد فقط بفضل شنه حرب 73. ولو لم ينجح المصريون في عبور قناة السويس لكانت خريطة إسرائيل اليوم نهائية على كل الضفة وغزة، والمفاوضات فقط على تنظيم الملاحة في قناة السويس.
فهل يتعين على الفلسطينيين العودة إلى ممارسة العنف لإرغام الإسرائيليين على التفاوض والقبول بدولة فلسطينية؟ بالتأكيد لا، لأن ميزان القوى في أساسه مختل مثل الفيل والنملة. كما أن وجود جماعات مسلحة في غزة، أمس وإلى اليوم، هي في معظمها جماعات تدار من قبل أطراف خارجية، مثل إيران التي تريد أن تفرض على الدولة اليهودية القبول ببرنامجها النووي، وتعترف بها كدولة نفوذ في المنطقة. وقد استخدمت لهذا الغرض حزب الله وفصائل فلسطينية. وإسرائيل القادرة على خوض معركة كاملة للقضاء عليها، كانت تخوض حروبا على غزة فقط لتقليم أظافر هذه الجماعات، وتبقيها حية بما فيه الكفاية لتعميق النزاع بينها وبين حكومة رام الله.
الخيارات قليلة وصعبة، أهمها ما ينوي الرئيس عباس الإقدام عليه، معركة دخول المنظمات الدولية هي إعلان حرب دبلوماسية، قد تتسبب في معركة عسكرية، حيث تعلن إسرائيل تحت أي غطاء احتلال الضفة الغربية وإسقاط حكومة عباس بمحاصرتها. الحقيقة، لا توجد أمامه خيارات أخرى. الاعتراف بالسلطة الفلسطينية في كل منظمة دولية نظريا يجعلها كيانا شرعيا متكاملا له نفس الحقوق الحمائية الدولية، لكنه واقعيا لا يضمن قيام دولة فلسطين بالسيادة المرجوة وإنهاء النزاع.
إنها أيام صعبة على الجميع، فقد أثبتت إسرائيل أنها دولة ثيوقراطية متطرفة، فشلت القوى المدنية في لجم طموحاتها الدينية، وهي ستقود إلى المزيد من الصراعات. والنزاع لن يموت فقط لأن إسرائيل قررت رفض مشروع كيري، والمشاريع التي سبقته، ولن تحل القضية ما دام هناك ملايين الفلسطينيين محاصرون في بلدهم، وملايين آخرين مشردون في الشتات. لقد حاولت إسرائيل مضغ الضفة الغربية، هذه القطعة الصغيرة، لخمسين عاما، وفشلت. الآن، أصبحت شبه دولة، وسكانها من ستمائة ألف نسمة عام 1967 إلى مليونين وستمائة ألف اليوم. أصبحت اللقمة أكبر من أن تتجرعها إسرائيل، دون أن تخاطر بكل كيانها. طبعا، العامل السكاني سلاح ذو حدين، فهو أيضا عبء على الحكومة الفلسطينية، وها هي الحكومة الأميركية تهدد بوقف معوناتها البالغة أربعمائة مليون دولار إن استعملت سلاح الانضمام للمنظمات الدولية قبل التوصل إلى اتفاق سلام! هذه حرب ناعمة سلاحاها المال والدبلوماسية، وعلى الرئيس عباس أن يعد مواطنيه للأسوأ في حال قرر خوضها.
نقلاً عن الشرق الأوسط

لا بديل للدولار

علي بن طلال الجهني

   
   كادت كارثة 2008 المالية أن تؤدي إلى كساد هائل أسوأ أو مماثل لكساد 1929 المروع. ولكن ولحسن حظ أميركا، وربما حسن حظ العالم الرأسمالي أجمع، أن بن برنانكي كان محافظ البنك المركزي الأميركي. وقد يكون برنانكي أخبر اقتصادي حي يرزق في كل ما له علاقة بكساد 1929 سواءً بمسببات الكساد أو بالآليات النقدية التي يمكن اتخاذها لتفاديه.
عرف برنانكي قبل غيره أن كارثة 2008 لا محالة ستؤدي إلى جفاف قنوات التمويل. ويتعذر التداول من استيراد أو تصدير أو حتى تبادل بين منتجين وموزعين في داخل بلد واحد من دون التمويل والسداد آجلاً. فلا يتم بيع سيارة أو ثلاجة أو غيرها من دون الاقتراض والتقسيط، إضافة إلى الاقتراض المباشر أو استخدام بطاقات الائتمان المعروفة. فلا بد من رفع مستوى السيولة لإمداد وسائل التمويل بقروض بتكاليف متدنية وصلت إلى ما يقارب الصفر بالنسبة إلى المؤسسات المالية الكبرى.
وكيف يتم رفع مستوى السيولة، أي زيادة المعروض من الدولارات بكميات تكفي لخفض تكاليف الاقتراض بما في ذلك ما يتم اقتراضه من طريق البطاقات الائتمانية المعتادة التي يحملها غالبية الأفراد في الدول المتقدمة؟
كل ما يصدره (أو حرفياً يطبعه) المركزي الأميركي من دولارات يحتفظ في خزائنه بما يقابل ما أصدره من دولارات بسندات أو صكوك. ولذلك فلدى المركزي الأميركي كميات هائلة من السندات.
وحينما يكون المراد رفع مستوى السيولة فإن المركزي «يبيع» من السندات التي لديه للمنشآت المالية وغير المالية ولمن يريد شراءها من الأفراد، ويعوض من اشترى السندات بطبع أثمانها من الدولارات. ولذلك تتوافر سيولة إضافية أو يزيد المعروض من النقد. وهذا يحفز من استبدلوا سنداتهم بدولارات إلى منح المزيد من القروض، فتعود قنوات الائتمان أو الاقتراض إلى التدفق. وذلك ينعش النشاط الاقتصادي. وهذا هو الهدف.
ومنذ بدأت الأزمة المالية في خريف 2007 وحتى بلغت ذروتها وشملت معظم دول العالم في 2008، بلغ ما ضخه البنك المركزي الأميركي نحو تريليون (ألف بليون) دولار، وفقاً لمقالة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الدولية في 22/3/2014، كتبها أستاذ الاقتصاد في جامعة كورنل (Cornell) البروفيسور اسوار براساد (Eswar Prasad) بعنوان «لماذا لم يسقط الدولار؟».
والذي قصده أستاذ الاقتصاد في جامعة كورنل التي تعتبر من بين جامعات الطبقة الأولى الأميركية، أنه نظراً إلى ما ضخه المركزي من مبالغ هائلة من الدولارات كان من المفترض أن الأجانب من منشآت وأفراد وبنوك مركزية أجنبية يتخلون عما كانوا يحتفظون به من دولارات، لأن زيادة كميات المعروض من أي عملة تؤدي إلى انخفاض قيمتها نسبة إلى العملات الصعبة الأخرى التي لم يرتفع المعروض منها. وهذا هو ما كان الأرجح حدوثه لو كان الدولار مجرد وسيلة للتبادل. ولكن الدولار أكثر بكثير من مجرد وسيلة للتبادل.
فالدولار عملة الاحتياط. ومعنى عملة الاحتياط، أي ما تحتفظ به البنوك المركزية الأجنبية في مقابل ما تصدره من عملاتها الوطنية. والدولار وسيلة التأمين الأفضل لحماية عملات الدول الأخرى الأصغر من هجمات المضاربين الذين يستدينون عملاتهم لبيعها في مقابل دولارات لخفض قيمتها، ومن ثم يتمكنون من الوفاء بديونهم بدفع عملات صار بالإمكان شراؤها بأثمان أقلّ.
والدولار هو العملة المفضلة لدى عامة الناس في أوروبا وآسيا بل وفي كل مكان في أوقات التوجس والاضطرابات. ولا جدال بأن كارثة 2008 المالية خلقت الكثير من التوجس والاضطرابات.
كل هذه العوامل رفعت الطلب على الودائع بالدولار، الذي كانت ستهبط قيمته لو لم ترافق زيادة المعروض زيادة في الطلب.
أليس هناك بديل للدولار في أدواره كوسيلة تبادل وكعملة احتياط ووسيلة دفاع وملجأ آمن؟
تصور الكثيرون أن «اليورو» سيكون بديلاً جيداً للدولار في جميع أدواره. ولكن اليورو عملة واحدة لبضع عشرة دولة مختلفة اقتصادياً وسياسياً. ولكل منها سياستها المالية (أي مستوى الإنفاق ونسبة الضرائب)، إضافة إلى التفاوت الهائل في درجات الكفاءة الاقتصادية. ولذلك تذبذبت قيمة اليورو ولم تثبت بما يقنع مقتني الدولار بالتخلي عن الدولار وشراء اليورو.
بالطبع معدن الذهب كان يمكن أن يحل محل الدولار في دور الدولار كعملة احتياط وملجأ من أضرار هبوط قيمة العملات الورقية. ولكن المشكلة أنه لا يوجد ما يكفي من الذهب، وتكاليف نقل الذهب وتأمينه عالية، إضافة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تملك أكبر كمية من الذهب منذ مستهل القرن العشرين وحتى وقتنا الحاضر.
وبإيجاز ولاعتبارات موضوعية بحتة، فإنه لا بديل للدولار في دوره كعملة احتياط، وفي دوره كأداة تأمين للدفاع عن عملات أخرى قد تتعرض لغارات المضاربين، وكوسيلة آمنة في أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية. وهو عملة التجارة الدولية ليس بالنسبة إلى النفط ومشتقاته فحسب، وإنما أيضاً يتم الاتفاق على أسعار غالبية ما يتم تداوله عبر الحدود السياسية المختلفة بـ «الدولار» حتى عندما يتم الوفاء بما يقابل الثمن بالدولار من عملات أخرى.
وكما ذكر البروفيسور براساد فإن كلاً من الصين واليابان تملك أكثر من «تريليون» دولار من السندات الأميركية إضافة إلى ما تحتفظ به من ودائع بالدولار، فهل يخدم مصلحة الصين أو مصلحة اليابان اتخاذ أي قرار يؤدي إلى خفض قيمة الدولار
نقلا عن الحياة

الخميس، 27 مارس 2014

اوباما في الرياض..

اوباما في الرياض..

* نواف بدر المعلم












 يوم الجمعة سوف يحل رئيس الولايات المتحدة اوباما  ضيفا على الرياض في ظل تباين في المواقف مابين الرياض وواشنطن فيما يخص قضايا المنطقة، وعلى رأسها الاحداث التي تجرى في سوريا .


إذ يعتبر الرئيس الأمريكي وكما صرح بذلك أن ما يحدث في سوريا هي حرب مذهبية بين السنة والشيعة ولا دخل لامريكا بما يجري هناك،  وبذلك هي تفضل الحل الدبلوماسي. ويرى كثيرون أن اوباما فشل في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ، وخاصة في الملف الايراني ،والتي كانت تحركاته بمعزل عن الحليف الاستراتيجي في منطقة الشرق الوسط  وهي المملكة العربية السعودية وحتى الحزب الديمقراطي الذي يمثله  انتقد موقف سياسة اوباما  الصامت  من تدخل ايران في البحرين وسوريا ولبنان.


  من المعروف إن ثوابت السياسة السعودية تتسم بجملة من القيم السياسة  العريقة ، والتقاليد الدبلوماسية ، وهي من الوضوح والشفافية بحيث لا تحتاج إلى عناء وصعوبة في تفسيرها ، والتي يعرفها الجميع ولعل واحدة من أكثر القيم هي الرصانة في المواقف ، وكذلك العقلانية والتأني في اتخاذ القرار السياسي  مما انعكس على مصداقيتها في الساحة الدولية.


والسعودية  وفي هذه المرحلة تتحمل الكثير من الاعباء ،وتحاول ان يعم السلام، والاستقرار في المنطقة ، وتقف  بمفردها سدا منيعا  أمام اطماع أيران وقد عبرت عن موقفها بصراحة من النظام المجرم في دمشق بل وطالبت المجتمع الدولي أن يقوم بمسؤوليته أمام نهر الدم والدمار المتدفق في سوريا .


ويرى المحللين الامريكيين  أن بعد نظر السياسة السعودية ورؤيتها الثاقبة في المنطقة  أكثر صوابا واعترف بذلك وزير الخارجية جون كيري  لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في لقاءه الأخير في يناير الماضي" بأن امريكا تتفق مع رؤية السعودية لمصر".


و  يعلم صانع القرار في أمريكا ان السعودية وما تمثله من ثقل في منطقة الشرق الأوسط وكذلك ثقل عربي وأسلامي ودولي  وأنه من الصعب التضحية بالحليف الأوثق والأكثر قدرة على التأثير في المنطقة لمكانته ومصداقيته.وهي لا عب اساسي ومهم في قضايا الشرق الاوسط بما في ذلك  عملية السلام ، فهي صاحبة المبادرة العربية للسلام.


ويتفق الطرفان على أهمية جهود كيري لدفع عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين،وهي جهود لطالما طالبت بها السعودية .وكذلك موقف البلدين من الارهاب واستقرار المنطقة .


وأخيراً السعودية حليف استراتيجي لأمريكا منذ ستين عاما، وهي من أكثر دول 
المنطقة رصانة في مواقفها السياسة وتسعى دوما أن تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل، وتؤكد دوما على أن يعم السلام والأمن والطمأنينة والاستقرار في كل العالم و من مصلحة الولايات المتحدة وفي هذه المرحلة بالذات ان تتواءم مع الحليف الأوثق السعودية في كافة الملفات الساخنة التي تشهدها المنطقة.  


* صحفي
badernawaf@gmail.com

الأحد، 23 مارس 2014

دع الأيام تفعل ما تشاء... في سورية

دع الأيام تفعل ما تشاء... في سورية
ِ

من السهل لوم ضيفنا القادم باراك أوباما على عجزه وقلة حيلته في الشرق الأوسط، وهو يرى العالم المحيط بحلفائه ومخزن العالم النفطي يتداعى، ولكن ماذا عن عجز أهل الدار؟ عجز السعودية وتركيا والأردن وهي ترى حالاً هائلة من اللاإستقرار تحيط بها في العراق وسورية واليمن، والله أعلم ما تحمل الأيام لمصر، السند والثقل العربي... سابقاً.

لم تعد القضية انتصار بشار الأسد ونظامه، فبقاؤه حتى الآن وبعد ثلاثة أعوام من الثورة والرفض الشعبي له انتصار، وليست القضية في تغوّل إيران في عالمنا، وهو أمر حاصل وجلي وأصبح مع مرور الوقت مقبولاً أميركياً وعالمياً، وفق نظرية «حكم القوي» و«إنما العاجز من لا يستبد»، والتي تعود إلى السياسة العالمية بانتصار القيصر الروسي الجديد بوتين واحتلاله جزيرة القرم الأوكرانية، وضمها إلى روسيا في أكبر عملية تغيير قسري للحدود الدولية منذ الحرب الثانية.

كتبت مقالة قبل عام ونصف العام، دعوت فيها إلى تحرك عسكري سعودي - تركي - أردني في سورية، يفرض الأمر الواقع لمصلحة دول المنطقة الحرة التي تريد الاستقرار. قلت في نهايتها: «إن كلفة حرب أهلية في سورية تستمر بضعة أعوام، أكبر من كلفة تدخل سريع ينهي الأزمة خلال أيام على رغم خطورته»، وها هي الثورة السورية تتحول إلى حرب أهلية، وبدأنا ندفع كلفتها الباهظة، وها هي تدخل عامها الرابع من دون أي ضوء في الأفق لتدخل جاد ضد بشار ونظامه.

وعلى رغم تعاطفنا الظاهر مع القضية السورية، قوبلت دعوة كهذه بانتقاد عبّر عنه الكاتب السعودي المعروف عبدالعزيز السويد في عموده اليومي في الطبعة السعودية من هذه الصحيفة قائلاً: «إن دعوتي للتدخل إنما هي موقف عاطفي متوافق مع دعوات بعض التيارات الإسلاموية» بحسب تعبيره، ثم اختتم بسخرية: «وليس بمستغرب أن تمتد هذه العاطفة لتطالب الجيوش عند عودتها المظفرة بالمرور على فلسطين المحتلة وتحريرها».

أتفهم موقف الزميل، وأحسبه موقف أكثر من مسؤول سعودي أيضاً، فلا أحد يريد الحروب والزج بأبناء الوطن في أتونها. أميركا نفسها تأخرت في دخول الحرب العظمى عاماً ونيفاً، وهي ترى ألمانيا النازية تلتهم حلفاءها الأوروبيين واحداً بعد الآخر. كان رئيسها مشلولاً مقعداً على كرسي، ولكن عجزه هذا لم يمنعه أن يرى الحقيقة الواضحة. لو انتصر هتلر ونازيته، وأحكم سيطرته على أوروبا، واستبدل أنظمتها الديموقراطية بحكومات فاشية محلية، فإن أميركا نفسها البعيدة لن تكون بعيدة حينها عن طائلة يده ونفوذه. لو كانت ثمة مساحة للصور مع مقالتي هذه لأرفقت صوراً لاستعراضات النازيين الأميركيين وهم يحتفلون بانتصار ملهمهم. نعم كان هناك حزب نازي في الولايات المتحدة وقتها.

هذا الذي ينتظرنا لو لم نتدخل في سورية، مزيد من حكومات مثل حكومة المالكي في العراق، وبشار الأسد في سورية، طائفيون فاشيستيون، يتسترون خلف ديموقراطية وانتخابات زائفة. ها هو بشار من الآن يبدأ حملته الانتخابية بينما تقصف طائراته ناخبيه المفترضين في حلب وريف دمشق وحمص وحماة.

قبل عام ونصف العام لم تكن في سورية «داعش» ولا «جبهة نصرة»، اللتان أُعلنتا أنهما تنظيمان إرهابيان يُجرَّم من يلتحق بهما. عجزنا والمجتمع الدولي هو الذي أعطى الفرصة لظهور النصرة أولاً، كانت «القاعدة على خفيف» ترفض الديموقراطية، ولكنها قبلت بالآخرين وتعاملت معهم كفصيل مجاهد بين فصائل أخرى. استمر العجز، فجاءت «داعش» «القاعدة هارد كور» غاية في التطرف وتكفّر العموم، وأعلنت نفسها أنها «الدولة والدولة أنا»، وجعلت زعيمها أميراً للمؤمنين، من سمع به وبلغه خبر ظهوره ولم يبادر ويبايع أحد مندوبيه، فهو كافر حلال الدم والمال والعرض.

كيف ستكون المنطقة من حولنا لو استمرت حال العجز؟ من الباكر الحديث عن انتصار بشار وتحول سورية العرب إلى قاعدة إيرانية متقدمة في قلب مشرقنا العربي. لم يحن الوقت بعد ليصل مرشد الثورة خامنئي إلى دمشق، ويصعد درجات منبر الجامع الأموي، بينما نتابع بألم نقلاً حياً لهذا الحدث التاريخي من على شاشات قنواتنا الإخبارية، ليدشن من هناك «الحقبة الإيرانية». قد يحصل ذلك، ولكن ليس الآن. التوقع المنطقي هو استمرار حال الفوضى وتمددها، وتعوّد الاقتصاد والسياسية وكذلك السياسة العالمية عليها. تحسن سعر الليرة السورية ووصولها إلى 132 ليرة للدولار بعدما انهارت قبل عام ونصف العام حتى وصلت إلى 300 ليرة للدولار، نموذج لهذا التعود، السبب لم يكن انتصارات الجيش السوري كما زعم وزير إعلام نظام بشار، السبب الحقيقي هو الأموال السعودية والقطرية والخليجية التي تضخ لدعم الثوار وتجد طريقها للاقتصاد السوري الكلي، إنها نتيجة طبيعية لاستقرار حال الثورة. بدأت تظهر حدود شبه ثابتة بين الثوار والنظام، بل بات من الممكن عقد صفقات واتفاقات لوقف إطلاق النار في حال توازن القوى، مثلما حصل في «برزة» الضاحية الدمشقية التي يسيطر عليها الثوار ويحاصرون منها حي «عش الورور» الموالي للنظام، فكان الاتفاق على وقف إطلاق النار وقصف برزة وفك الحصار عنها، والسماح بدخول المؤن لها في مقابل السماح لسكان «عش الورور» بحرية التنقل إلى العاصمة. اتفاق مثل هذا لا يمكن تطبيقه في حلب، حيث لا يملك الثوار ورقة ضغط. إنها مجرد منطقة حرة، والحرية تعني لبشار قصف سكانها الأحرار من مدنيين وثوار بالبراميل المتفجرة، حتى يخضعوا ويعودوا إلى بيت طاعته.

بقاء النظام السوري لا يعني فقط استمرار معاناة الشعب السوري، إنه يعني استمرار الحرب الباردة بين السعودية وإيران، ما يعني استمرار رفض المعارضة في البحرين لكل مبادرات الحكومة الإصلاحية، ما أوجد أزمة في هذه الجزيرة السعيدة، تنعكس عليها تهديداً في الأمن وخسارة في الاقتصاد، ويعني استمرار حال اللااستقرار والتوجس في لبنان، واحتمالات انهيار الوضع القائم على جرف هار مع كل مرة تنفجر فيها سيارة مفخخة أو يُغتال زعيم سياسي، ويعني استمرار الانهيار والنهب العام والتشرذم الطائفي في العراق ما أدى إلى حال قلقة تنتظر شرارة لينهار المجتمع تماماً ويطفح بأزماته الحادة على كل جيرانه، ويعني استمرار التقدم الحثيث والهادئ للحوثيين في اليمن، لنستيقظ يوماً على واقع جديد تماماً في صنعاء. يجب أن ننظر إلى سورية كبؤرة لحال تفكك أكبر تحيط بالمملكة والخليج من كل جانب.

هل يمكن أن نقبل باستمرار هذه الحال لأعوام مقبلة عدة طالما أن الأميركي لا يرغب في التدخل؟ الحكمة تقول: لا، ولكن الواقع يقول إن العجز الذي كان سيد الموقف خلال الأعوام الثلاثة الماضية سيستمر في مقبل الأيام والأعوام، وبالتالي فمن الأفضل وضع سيناريو لما ستكون عليه حال سورية والمنطقة إن تركنا الأيام تفعل فيها ما تشاء، ونرتب أمورنا وحساباتنا على الواقع كما هو، لا كما نتمنى.
*نقلاً عن "الحياة"

الأحد، 9 مارس 2014

أوباما ورأيه في السنة والشيعة


أوباما ورأيه في السنة والشيعة 



عبدالرحمن الراشد
في مقابلة له مع مجلة «أتلانتيك»، تمسك الرئيس الأميركي باراك أوباما بموقفه؛ أن التفاوض مع إيران خياره الأفضل، وأن على دول المنطقة أن تتعايش وتتقبل هذا الأمر. وأنه حتى لو أكمل التفاوض ستة أشهر، أو عاما، ولم يفلح، فإنه يمكن إعادة العقوبات ودفع إيران نحو الانفتاح!
من حق الرئيس الأميركي أن يقرر ما يراه مناسبا لبلده وشعبه، لكنه يخطئ عندما يفضل جانبا على آخر في رده على سؤال عن «مَن يراه أكثر خطرا التطرف السنّي أم الشيعي؟»، مادحا إيران بأن تصرفها أكثر استراتيجية لا عاطفية، ولها نظرة عالمية، وتقدر مصالحها؛ تحسب الربح والخسارة!
نستطيع أن نقول الشيء نفسه عن هتلر وصدام وكيم جونغ أون! إيران تملك بترولا مماثلا للسعودية، لكنها بلد فقير يعيش أهله في ضنك، لأكثر من 30 سنة، مثلما كان حال الصين الشيوعية والاتحاد السوفياتي وفيتنام وغيرها من الأنظمة الديكتاتورية القاسية. كلها تهاوت رغم أن لديها نظرة استراتيجية عالمية لا عاطفية، كما وصف أوباما، معجبا بإيران!
سيدي الرئيس، متطرفو الشيعة هم تماما مثل متطرفي السنّة، دعني أشرح لك الفارق؛ إن المتطرفين الشيعة هم في سدة الحكم، أي نظام خامنئي في طهران، وحزب الله في بيروت. أما متطرفو السنّة هم في المعارضة، مثل «القاعدة»، منبوذون يعيشون في الكهوف. ثق في أن غالبية إيران الشيعية ضد النظام المتطرف، والأرجح أن قرارك بالتفاوض منح نظام طهران المتطرف عمرا إضافيا، وأحبط مشاعر العديد من الإيرانيين الذين كانوا يأملون في إزاحة النظام أو إجباره على الانفتاح والاعتدال.
إيران، منذ اعتلاء آية الله الخميني الحكم، تعيش في فقر وضنك، وتحكم البلاد بالحديد والنار، وتنفق معظم مواردها على الحروب الخارجية ودعم الجماعات الإرهابية، فأين النظرة الاستراتيجية، وأين الربح مع هذه الخسارة المستمرة 30 عاما؟!
ويمضي الرئيس متحدثا بشكل يدل على أنه حقا لا يعرف المنطقة، مثنيا على إيران بأنها دولة كبرى، وترى نفسها لاعبا رئيسا على مستوى العالم، وأنها لا تحمل رغبة الانتحار، وتتفاعل مع الحوافز!
من قال لك إن لدينا رغبة في الانتحار؟! نحن من يلاحق «القاعدة»، وإيران من تستضيفها! العرب (لعلمك) ثلاث مرات أكبر عددا من سكان إيران، ويعتبرون أنفسهم لاعبا رئيسا، السعودية وحدها قبلة ألف مليون مسلم. لكننا لا نقول إن الحقوق تُمنح أو تُهضم بناء على عدد السكان أو القوة، بل يجب أن يقف العالم ضد الأنظمة العدوانية، سواء كانت عربية أو فارسية، مسلمة أو يهودية أو مسيحية. قد نبدو سذجا بالإيمان بمثل هذه المبادئ، إنما هذا ما نتوقعه من أقوى دولة تعتبر نفسها زعيمة العالم الحر.
النظام الإيراني يعتقد أن التفاوض معه مكافأة على سلوكه العدواني، الذي يثني عليه الرئيس أوباما، ويعتبره حساب ربح وخسارة. للتذكير، فالمتطرفون في حكم طهران هم الذين كانوا وراء قتل 300 جندي أميركي وفرنسي عام 1983 في مقر المارينز ببيروت، ودبروا نسف السفارة التي قُتل فيها دبلوماسيون أميركيون. وفي العام التالي، قتلوا مدير الجامعة الأميركية في لبنان. وبعدها بعامين خطفوا طائرة «تي دبليو إيه»، وقتلوا أحد ركابها. وبعدها بعام (1986)، خطفوا عقيدا أميركيا وشنقوه. وفي عام 1996 فجّروا مقرا أميركيا في مدينة الخبر السعودية، وقتلوا 19، وجرحوا أكثر من مائتي أميركي. ووصلت جرائم إيران إلى بيونس آيرس في الأرجنتين، حيث فجروا معبدا هناك عام 1991. القائمة طويلة، وكما قلت، فإن الفارق بين السنة والشيعة أن من يحكم طهران اليوم نظام الحرس الثوري الشيعي المشابه في آيديولوجيته لتنظيم القاعدة السني المتطرف، الذي فشل في الوصول إلى الحكم.
ما تحدث به الرئيس أوباما يعبر عن تبسيط لقضية خطيرة، وما يفعله أنه مدّ لنظام إيران حبل النجاة الذي يصارع نتيجة الحصار الدولي خارجيا، وبسبب الضغط الداخلي الذي كان يهدد القيادة المتطرفة. وللعلم فإن إيران، منذ أن بدأت اتصالاتها من أجل التفاوض النووي، تظهر وحشية أكثر مما قبل، فقد أرسلت الآلاف من جنودها للقتال في سوريا، وشددت قبضتها على العراق، وأرسلت أسلحة لليمن والسودان، وحاولت إرسالها لقطاع غزة. هل يمكن أن يقول لنا الرئيس أين استجابة النظام الإيراني للحوافز الأوبامية؟!

نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط

الثلاثاء، 4 مارس 2014

مفاهيم في الاقتصاد


مفاهيم في الاقتصاد
بقلم : نواف بدر المعلم

علم الاقتصاد:
 أثير كثير من الجدل والنقاش حول موضوع دراسة علم الاقتصاد، فعرّفه بعض الاقتصاديين بأن دراسة للنشاط الاقتصادي للإنسان بدافع من المصلحة الذاتية للتوازن بين الكسب المادي وبين الخسارة المادية في كل ناحية من نواحي هذا النشاط . وقد أورد كثير من الكتاب الاقتصاديين أوصافاً مشابهة لمجال هذه الدراسة. ومع ذلك فقد أصبح هناك اتجاه في الآونة الأخيرة إلى الأخذ بتعريف أكثر دقة، إذ جاء بهذا التعريف الأستاذ ليونيل روبنز (أستاذ الاقتصاد بجامعة لندن).
وضمنه كتابه المشهور بعنوان «مقال عن طبيعة ومغزى علم الاقتصاد وينطوي هذا التعريف على أن «علم الاقتصاد هو ذلك الفرع منالعلوم الاجتماعية الذي يتوافر على البحث في تأثير الندرة على سلوك الأفراد والجماعات، حينما تكون هناك حرية الاختيار في تخصيص الموارد النادرة ذات الاستعمالات البديلة بين الأهداف المتعددة.

الانكماش المالي:

هو عبارة عن انخفاض متواصل في أسعار السلع والخدمات في كافة جوانب اقتصاد الدولة, وهو عكس التضخموأسوأ منه من ناحية النتائج والآثار, إلا أنه نادر الحدوث.يحدث الانكماش عندما يعاني اقتصاد الدولة من كساد ما أو ركودما، مما يؤدي إلى تراجع مؤقت لأوجه النشاط الاقتصادي. أما السبب الرئيسي لحدوث الانكماش فهو قلة الطلب على السلع والخدمات وذلك إما بسبب تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين, أو تدني السيولة النقدية المتاحة بسبب عجز المصارف المركزية للدول عن ضخ المزيد من النقود للتداول, وقد يحدث الانكماش المالي بسبب المنافسة الحادة بين المصنعين ومنتجي السلع والخدمات سعياً منهم لزيادة مبيعات منتجاتهم بتخفيض أسعاره.

التضخم الاقتصادي:

هو من أكبر الاصطلاحات الاقتصادية شيوعاً غير أنه على الرغم من شيوع استخدام هذا المصطلح فإنه لايوجد اتفاق بين الاقتصاديين بشأن تعريفه ويرجع ذلك إلى انقسام الرأي حول تحديد مفهوم التضخم حيث يستخدم هذا الاصطلاح لوصف عدد من الحالات المختلفة مثل:
1-    الارتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار
2-    الارتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار.
3-    ارتفاع الدخول النقدية أو عنصر من عناصر الدخل النقدي مثل الأجور أو الأرباح.
4-    ارتفاع التكاليف.

الركود :

هو مصطلح يعبر عن هبوط في النمو لمنطقة اولسوق ما، وعادة سبب الهبوط في النمو الاقتصادي نابع من أن  الانتاجيفوق الاستهلاك الأمر الذي يؤدي إلى كساد البضاعة
وانخفاض الأسعار والذي بدوره بصعب على المنتجين بيع المخزون، لذلك ينخقض معدل الانتاج والذي معناه أيدي عاملة أقل، وارتفاع في نسبة البطالةالمشكلة الأساسية انه اذا أصاب الركود الاقتصادي فرع مركزي من اقتصاد ماالأمر الذي ينعكس على بقيةالقطعات فتدخل بركود اقتصادي مستمر.وهنالك اختلاف على كيفية تحديد مدى تواجد البلاد في ركود اقتصادي لكن من المتبع ان يكون النمو في الناتج القومي أعلى من نسبة النمو الطبيعي في تعدادالسكان الذي يؤثر بشكل طردي على  الناتج القومي الاجمالي في امريكا يعرف الركود على انه نمو سلبي للناتج القومي على مدى 6 أشهر أي نصف سنة.وأفضل علاج للخروج من الركود الاقتصادي هو رفع الإنفاق الحكومي الاستهلاكي والذي بدوره ينقل البلاد من ركود اقتصادي إلى حالة نمو،أو تخفيض الفائدة بواسطة البنك المركزي الأمر الذي يسمح للمصالح والمصانع بإمكانية تحمل دين أكبر وأيضاً يخفف جاذبية التوفير لدى القطاع الخاص مما يرفع نسبة الاستهلاك لديهم الأمر الذي يدفع السوق نحو نمو اقتصادي.الركود هو أمر طبيعي جداً في الاقتصاد وغير مخطط له ، لكن سببه هو عدم الملائمة بين الإنتاج والاستهلاك في الدول الاشتراكية لا يوجد ركود اقتصادي بسبب عدم وجود اقتصاد مفتوح وجميع عمليات الإنتاج مراقبة من قبل الحكومة فلن تصل أبداً إلى وضع فيه الإنتاج أعلى من الاستهلاك إلا أنها دائماً تتواجد في وضع عكسي وهو أو مساو للاستهلاك أو أن الإنتاج أقل من الاستهلاك الأمر الذي يخلق نوع من نقص في المواد.إذا ازداد الركود الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى كساد والذي نتائجه أقوى وأخطر من الركود الاقتصادي. أكبر ركود اقتصادي شهده التاريخ هو الركود الاقتصادي عام 1929 والمعروف بالكساد الكبير.
الكساد:
هو مصطلح في الاقتصاد الكلي ويطلق على أي انخفاض ملحوظ وواسع النطاق في النشاط الاقتصادي يستمر لعدد من الأشهر، وتحديدا يطلق على أي فترة ينخفض فيها الناتج المحلي الاجمالي  لمدة تساوي ستة أشهر على الأقل. وهي إحدى مراحل الدورة الاقتصادية عادة ما تزداد فيها البطالة وتنخفض قيمة الاستثمارات وأرباح الشركات.وينتج عن الكساد تدني وهبوط في الإنتاج والأسعار والوظائف وكذلك الإيرادات, وخلال فترة الكساد الاقتصادي تنخفض السيولة النقدية, وتفلس العديد من المؤسسات والشركات المختلفة, وبالتالي يفقد كثير من العمال والموظفين وظائفهم.وأولى مراحل الكساد تبدأ بتدني المبيعات لدى عدد كبير من المحال التجارية أو ما يسمى بتجار التجزئة نتيجة لتدني القدرة الشرائية عند المستهلكين, وحينما تخفض المبيعات عند المحلات التجارية فإن طلباتها من المصانع تنخفض, وبدورها تضطر المصانع إلى خفض إنتاجها مما يؤدي بدوره إلى تخفيض وتيرة الاستثمار في التصنيع, وفي الوقت نفسه فإن المنشآت الصناعية تفقد قدرتها على دفع مرتبات عمالها وموظفيها بسبب تراجع الطلب على منتجاتها وانخفاض الأسعار وهذا يجعلها تضطر إلى التخلي عن عدد كبير منهم, وهذه الخطوة من المصنعين تؤدي إلى نتيجة حتمية أخرى وهي زيادة معدلات البطالة مما يجعل تدني القدرة الشرائية لدى المستهلكين تتفاقم أكثر وهكذا تستمر النتائج السلبية لتبعات الكساد في التوالي وبصورة أكبر سوءاً من سابقتها حتى يحدث ما من شأنه أن يقلب المعادلة ويعيد للأنشطة الاقتصادية حيويتها الإيجابية  ويعيد لها الوفرة العنصريه في جانب العماله.