الأحد، 29 ديسمبر 2013

الاستثمار الأجنبي.. متى يضيف؟

الاستثمار الأجنبي.. متى يضيف؟
راشد الفوزان
هيئة الاستثمار تعلن عن إغلاق مزيد من المنشآت "الأجنبية" التي أتت تستثمر ببلادنا يقارب الإغلاق الآن 800 منشأة، وحين نزيد وندقق أكثر قد نغلق أكثر، الاستثمار الأجنبي جلب بنا 310 آلاف تأشيرة أجنبية، هل هم يضيفون وفاعلون وخبرات باقتصادنا؟ لا أعلم ولم ينشر تفصيل. هل تلمسون دور الاستثمار الأجنبي ببلادنا؟ فنادق، جامعات، مصانع، مستشفيات، ورش صناعية، خبرات، تعلم، تدريب ... يتنوع الاستثمار الأجنبي وأهميته تأتي من أنه مصدر "للمال الجديد" أموال تضاف للاقتصاد جديدة لا مدورة.
حين تركز على النفط والبترول في الاستثمار الأجنبي سنوافق عليه حين يكون لديه ما يضيفه من "صناعة" مضافة، تقنيات جديدة، تصنيع، شيء لا نملكه أو نقدر عليه ويساندنا في تعظيم الاستثمار في النفط ومشتقاته.
الاستثمار الأجنبي صورة إيجابية وممتازة، ولكن ليس على إطلاقة بل بضوابط وشروط، لماذا لا تنشر هيئة الاستثمار كم حجم التدفق النقدي للاستثمار الأجنبي وما أضافه للاقتصاد الكلي الوطني؟ ما هي المصانع التي أتت وتعمل ببلادنا؟ ماهي الخبرات المضافة؟ ما هي الخطط وماذا تحقق؟ ما هي المصاعب والتسهيلات لديها التي قد تواجهها أو تقدمها؟ أسئلة كثيرة نسوقها لهيئة الاستثمار هل فعلاً هي تضيف للاقتصاد الوطني، أم غرقت ببيروقراطية حكومية ولم تخرج منها؟ أم تورطت بالاستثمار الأجنبي وما رخص له سابقا وهي تعمل على "تنظيف" الترسبات السابقة.
هل تعتقد هيئة الاستثمار أن "الصمت" و"الغياب" الإعلامي حل؟ ليس حلا، بالتأكيد الوطن والاقتصاد والشباب ينتظرون منكم الكثير وهي مسؤولية تتم تحت مسؤوليتكم، وهي همّ وطني كبير وهو "تنويع" مصادر الدخل، هل تم إضافة للاقتصاد الوطني؟ ليس شرطاً أن يكون مالا فقط، بل بناء "قوة بشرية" بتدريب وتعليم وخبرات، ماذا تم حول كل ذلك؟
أثق أن محافظ هيئة الاستثمار المهندس العثمان يعمل ويجتهد ووفق حوار سابق معه، يحتاج الوقت وأعتقد مرور أكثر من سنة كافية لبيان الصورة ووضوح الرؤية، فما هي الرؤية؟ ماذا تغير أو سيتغير؟ ماذا يحدث؟ لأننا ننتظر منكم "كهيئة" الكثير والعون الكبير للاقتصاد الوطني وهو لم يأتِ وفق رأيي الشخصي لحد الآن، هيئة الاستثمار دورها كبير ومصدر هام لاقتصاد أي دولة، وعمود فقري لكثير من الدول، فهل الهيئة بيدها فعل ذلك أم غرقت بدهاليز حكومية وإجرءات تعطلها كغيرها؟ لا نعلم اصبحت هيئة الاستثمار مجهولة لدينا لا أرقام ولا مؤشرات ماذا تعملون؟!
نقلا عن جريدة الرياض.

ميزانية البنود

ميزانية البنود
عيسى الحليان
على الرغم من ظهور موجات متتالية من أساليب الموازنات الحكومية، إلا أن وزارة المالية ماتزال متمسكة بميزانية البنود والمراسيم منذ 1938 وحتى الآن.
ورغم أن هذا الأسلوب الذي لم يعد يتناسب مع الدورة الاقتصادية للبلاد، إلا أن معالي وزير المالية كان واقعيا عندما قال عام 1425هـ إن موازنة البنود هي الأكثر ملاءمة للبيئة الإدارية المحلية وهذا يعني أنك لا تستطيع تطبيق موازنة صفرية أو موازنة أداء وبرامج على أجهزة حكومية مركزية لم يتم تحديثها لتواكب الميزانيات الحديثة.
الموازنة ليست سوى كشف حساب سنوي للدولة، وأنت لا تستطيع استخدام تطبيقات مالية أو محاسبية متقدمة إذا كان المستخدم غير متكيف معها.
صحيح أن بعض الدول انتقلت للعمل بنظام الموازنة التعاقدية وهي أحدث النظم وأفضلها بالنسبة للمملكة بعد أن تجاوزت هذه الدول الميزانية الصفرية وموازنة الأداء لكن التحديث يفترض أن يكون حزمة متكاملة.
عندما بدأت المملكة في اتباع ميزانية البنود كان يعد من أفضل النظم المعمول بها في ذلك الوقت، لكنها لم تبرح دائرة هذا الأسلوب، بينما الأشكال الجديدة للميزانيات تطورات بعيدا.
*نقلا عن جريدة عكاظ السعودية.

الاثنين، 9 ديسمبر 2013

حول مجلس التعاون وموقع المملكة

حول مجلس التعاون وموقع المملكة

د. توفيق السيف
أشعر أن كثيرا من الناس، وربما بعض السياسيين، قد صدموا بتصريحات يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني التي تتلخص في أن مجلس التعاون لا يخلو من خلافات بين الدول الأعضاء، وأن فكرة تطوير المجلس إلى اتحاد كونفيدرالي، التي طرحت قبل بضع سنوات، لم تعد قائمة، لأن بعض الأعضاء ــــ ومنهم عمان ـــ ليسوا راغبين فيها.
الصدمة التي تظهر في طيات الصحف مرجعها في ظني قلة المتابعة لأعمال المجلس. ثمة قائمة طويلة من الاتفاقات التي أقرت على مستوى القمة أو على المستوى الوزاري، ولم تنفذ أو أنها تعطلت في منتصف الطريق. وقد كتب عنها الكثير في أوقات متفرقة. على مستوى السياسة الخارجية فإن تباين الأولويات بين دول المجلس لا يخفى على أحد. وهو ظاهر بأجلى صوره في الموقف من الأزمات الإقليمية.
ما يهمني في حقيقة الأمر هو موقف المملكة التي يبدو أنها تولي اهتماما بالغا لمجلس التعاون والعلاقات مع أعضائه. وأجد أنها أعطت هذا الموضوع أكثر من حقه وصرفت وقتا وجهدا في غير طائل. في نهاية المطاف فإن الحجم البشري والاقتصادي والسياسي للمملكة لا يقاس أبدا بمجموع الدول الأعضاء الأخرى، فضلا عن آحادها. ولعل القراء يعرفون ــــ كمثال على الحجم الاقتصادي ــــ أن استهلاك الكهرباء في المنطقة الشرقية بمفردها يعادل أو يتجاوز استهلاك الكهرباء في مجموع دول المجلس الأخرى. بعبارة أخرى فإن العلاقة الخاصة مع دول المجلس لا تضيف شيئا عظيما إلى اقتصاد المملكة أو سياستها الدولية.
لا أدعو هنا إلى الخروج من المجلس. أعلم أن هذا ليس قرارا عقلانيا في مثل هذا الوقت. لكني أرى أن مستوى العلاقات المجلسية قد بلغ غايته، ولا يبدو ثمة إمكانية لتجاوز المستوى الراهن. ليس منطقيا ـــ والحال هذه ــــ أن نتطلع إلى ما هو أفضل من الحال التي عبر عنها بصراحة الوزير العماني.
البديل الأنسب في ظني هو الاتجاه إلى تحالفات مع الدول التي تشكل إضافة جديدة، على المستوى السياسي أو الاقتصادي. إذا كنا نفكر في الاستراتيجية، فالعمق الاستراتيجي لبلد مثل المملكة هو اليمن والسودان ومصر والعراق، وليس البحرين وقطر والإمارات. وإذا كنا نبحث عن أسواق للصناعة الناشئة في بلدنا، فإن السوق الحقيقية موجودة في بلدان الكثافة السكانية، والبلدان التي تمر بمرحلة إعادة إعمار، فضلا عن الأسواق الصاعدة مثل شبه القارة الهندية وشرق آسيا. وإذا فكرنا في اللاعبين الإقليمين فأمامنا تركيا وإيران ومصر.
إن المزيد من الانشغال بمجلس التعاون لن يأتي بمنافع إضافية على أي مستوى. بل ربما يؤدي إلى تقزيم الدور الإقليمي والدولي الذي يمكن للمملكة أن تلعبه، وفاء بتطلعاتها أو ضمانا لأمنها القومي. وأحسب أن على المملكة أن تفكر في محيط أوسع ودور أكبر، دور يتناسب مع حجمها ومكانتها وحاجاتها الاستراتيجية.
نقلا عن جريدة الاقتصادية

هل انتهى حلم اتحاد دول الخليج؟

ليس إلا

هل انتهى حلم اتحاد دول الخليج؟

صالح إبراهيم الطريقي

في الوقت الذي كان عشرات الآلاف يقفون في ميادين «كييف» عاصمة أوكرانيا معربين عن احتجاجهم على رفض الحكومة توقيع اتفاق مهم مع الاتحاد الأوروبي، ويصرون على ذهاب الحكومة باتجاه الاتحاد الأوروبي.
كانت صحف ومواقع إعلامية لدول الخليج تبشر الشعوب الخليجية بموعد إصدار العملة الخليجية الموحدة، لكن المجلس النقدي الخليجي لم يمنح شعوب الخليج الفرصة، ليكملوا حلمهم هذا، إذ قيل لهم : «لا تحلموا كثيرا، فهذه شائعة».
ثم جاء الاجتماع الذي يسبق اجتماع قادة دول المجلس المقرر إقامته اليوم الثلاثاء في الكويت والذي عادة ما يعد ويحدد القضايا التي سيناقشها ويصوت عليها القادة، لتطرح المملكة ورقة «انتقال مجلس التعاون لمرحلة أكثر تطورا، ليصبح اتحادا لدول الخليج، أو اتحادا كنفدراليا بين دول مستقلة ذات سيادة داخلية، وحكومة مركزية تقر عملة موحدة وتهتم بالشؤون الخارجية وعلاقة الاتحاد بالدول وأمن الدول». فجاء رد وزير الشؤون الخارجية لسلطنة عمان «يوسف بن علوي» ليعلن : «نحن ضد الاتحاد ونعارض إقامة اتحاد بين دول مجلس التعاون، وفي حال قررت الدول الخمس الأخرى إقامة هذا الاتحاد فسننسحب»، ثم راح يوضح الأسباب : «عمان تاريخيا ظهرها للخليج، ومصالحها الاستراتيجية مختلفة عن باقي الدول الخليجية على مدار التاريخ، ونريد أن نظل كما نحن».
هل هذا الإعلان هو رصاصة الرحمة أطلقها «علوي» على حلم كانت الشعوب تطارده أكثر من 40 عاما ؟
يخيل لي أن البدايات أو الولادة دائما ما تكون صعبة ومؤلمة، ولا يشارك بها الجميع بسبب مخاوفهم مما هو جديد، لكنه مع الوقت والعمل لإنجاح «الاتحاد الكنفدرالي»، وجعله ينمو اقتصاديا وسياسيا ويحقق مزيدا من الأمن القومي لشعوب دول الخليج، سيجعل الدول التي لم تشارك أو انسحبت تعيد حساباتها، وتحاول الدخول لهذا الاتحاد، كما تفعل حكومة تركيا التي تحاول كثيرا مع «الاتحاد الأوروبي» بأن يقبلها عضوا معهم، أو يجعل شعوبها يضغطون على حكوماتهم للدخول بالاتحاد، كما يفعل الشعب الأوكراني الذي رأى ما الذي يحققه «اتحاد الدول».
فهل تمضي دول الخليج في إقرار «اتحاد دول الخليج» وإن لم يكتمل العقد في البدايات ؟
هذا ما أتمناه وربما ما تتمناه غالبية شعوب دول الخليج.
نقلا عن جريدة عكاظ

2014.. عودة أميركا

2014.. عودة أميركا
سنة أخرى تستعد لتوديعنا؛ 2013 تجهّز نفسها للرحيل بعد أحداث كثيرة ومتشابكة ومتنوعة، منها ما كان مفاجئا، ومنها ما كان صادما وبامتياز كبير. والعالم الآن يحاول التقاط أنفاسه واضعا يده على قلبه ترقبا لاستقبال 2014 بحذر وقلق. سأحاول قراءة أهم المؤشرات «المتوقعة» للسنة المقبلة، وذلك بناء على معطيات وقراءة اتجاهات سياسية واقتصادية تتشكل وتتركب بهدوء.
المؤشر الأهم الذي سيؤثر بشكل واضح ومباشر على العالم أن أميركا قررت أن تكشر عن أنيابها اقتصاديا، وهذا بطبيعة الحال سيكون له أكبر الأثر الممكن توقعه وتقديره على العالم؛ فأميركا «تقلص» بشكل واضح من اهتمامها بمناطق، مثل الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وأوروبا، للتفرغ للمواجهة الباردة مع الدب الصيني، الذي ينمو بشكل مطرد، وتعلم أن نمو الصين مسألة حتمية، والمواجهة «المباشرة» ستكون صعبة، ولذلك ستلجأ أميركا «للتحكم» في مصادر الطاقة، التي هي محرك نمو اقتصاد الصين.
وهذا يفسر رغبة أميركا في احتضان إيران، حتى تضمن سيطرتها على قطاع كبير من الدول المنتجة للنفط، فإيران لديها إنتاج يبلغ أربعة ملايين برميل يوميا، وثاني أهم احتياطي نفطي، وتكثف أميركا بقوة استثنائية من إنتاجها من النفط الصخري، وخصوصا أنها صاحبة ثالث أكبر احتياطي منه في العالم (بعد الصين والأرجنتين، إلا أنهما لا يملكان التقنية اللازمة لاستخراجه)، وهناك نية واضحة لدى أميركا لأن تعيد نفسها كمركز مهم للصناعة، بعد أن فقدته لصالح دول الشرق الأقصى عبر السنوات الأخيرة.
ولكن عودة الصناعة لأميركا ستكون بشكل مختلف وصورة جديدة تعتمد فيها على تقنية مضاعفة ومزايا منافسة استثنائية، مثل الطباعة ذات الأبعاد الثلاثية التي ستلغي تماما عوامل الشحن والنقل من حسابات تكلفة التصنيع، وكذلك التطور في آليات التصنيع وتطور فعاليتها، فمثلا فتحت شركة «بي إم دبليو» مصنعا لها لصناعة هياكل السيارات في الولايات المتحدة، بتكلفة تفوق مائة مليون دولار، ويبلغ عدد العاملين فيه 16 عاملا فقط!
وكذلك الأمر بالنسبة للتوظيف المدني للطائرات بدون طيار (الدرون)، التي ستوظف في النقل (كما تعتزم ذلك شركة «أمازون» العملاقة للتسوق عبر شبكة الإنترنت، التي تعتمد إيصال طلبات عملائها بطائرة بدون طيار خلال 30 دقيقة بعد تقديم الطلب). وكذلك ستوظف القطاعات الأمنية والطبية والمرورية، مع عدم إغفال التطور الهائل الحاصل في تقنيات الغاز والكهرباء كمصدر للطاقة في السيارات بشكل سيؤثر، ولا ريب، على استهلاك النفط ونوعية الصناعات المستخدمة له.
وكذلك سيكون هناك نقلات نوعية في مجالات التقنية العالية والهندسة الوراثية، التي ستنعكس على الصحة ونوعية الحياة وجودتها. الأدوية التي ستنتج ستكون بمثابة قطع غيار للجسم، حيث ستتطور آليات الطباعة الثلاثية الأبعاد مع تطور الصناعة الدوائية، بحيث من الممكن تكوين أنف صناعي وأذن صناعية وغير ذلك من الأجهزة القابلة للاستبدال.
أميركا تضع اليوم نصب عينيها استعادة إرثها الاقتصادي، وتراهن على أنها تعافت من الأزمة الاقتصادية العالمية الكبرى، وتستمر في سياسة الخروج من الالتزامات العسكرية، وإغراق السوق العالمية بكمّ مهول من الدولارات المطبوعة، حتى يجري الإبقاء عليها كالعملة الدولية الأولى دون منافسة.
أميركا تكشر عن أنيابها الاقتصادية وبقوة، وسنرى أن عام 2014 هو عام العودة الأميركية كقوة اقتصادية لافتة، ولكن ستركز كل جهدها على السوق الآسيوية، التي سيصل عدد أفراد الطبقة المتوسطة فيها، بحلول عام 2020، إلى مليار وستمائة مليون نسمة، وهو رقم مغرٍ جدا ويسيل له اللعاب بالنسبة للشركات الأميركية المصنعة للمنتجات الاستهلاكية المختلفة. تبعات الحراك الأميركي «القوي» على الساحة الاقتصادية ستكون واضحة الملامح على العالم في مجالات العقار والعملات والمعادن والمواد الأولية وأسواق الأسهم. 2014 عام الانتعاش الاقتصادي.
نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط"